أظن أن الجميع
قد لاحظ الضجيج و الجعجعة الإعلامية المستمرة منذ إعلان التحرير و حتى الآن، بمناسبة
أو بدون مناسبة، حول ما يسمونه كتائب الثوار حينا أو المليشيات أحيانا. و تتغير
التسمية حسب المناسبة أو حسب المتحدث و توجهاته السياسية و الفكرية.
كتيبة ثوار منطقة سيدي خليفة (طرابلس) الأبطال في طريقهم إلى الجبهة لمحاربة فلول الطاغية (آسف قصدي مليشيات سيدي خليفة) |
و للأسف
الشديد فقد رأيت و سمعت يعرف
الميليشيا كالآتي:
"الميليشيا
هي قوات مسلحة غير شرعية تتلقى دعما عسكريا أو ماليا من دول أجنبية" و ضرب
مثلا بمليشيات "لحد" العميلة لإسرائيل، في لبنان.
و ربما لم
ينتبه الكثيرون إلى أن هذا الشخص (الليبي) قد استعمل أحد الأساليب التي اشتهر بها
دجال ليبيا النافق في محاربة أعدائه، ألا و هو تخوينهم لتبرير القضاء عليهم.
و في الحقيقة فإن المليشيات هي قوات غير
نظامية ، و قد تكون شرعية و قانونية، و قد لا تكون، حيث يعتمد ذلك على التشريعات و
القوانين التي تسنها الدولة. و في هذا الصدد أرغب في سؤال خبيرنا الاستراتيجي:
ماذا تسمي قوات حزب الله التي تقاوم العدو الإسرائيلي (علما بأنها تتلقى دعما
خارجيا) ، بل ماذا تسمي كتائب ثوارنا التي لولاها بعد الله تعالى ما قضي على
الدجال الطاغية، و ما أتيحت لك الحرية لتظهر على الشاشات و تتحدث ملء شدقيك؟ هل
كانت أيام حرب التحرير "كتائب ثوار" ثم تحولت الآن إلى
"مليشيات" حسب تعريفك.
و لكن ليس هذا
ما يؤلم ، بل المؤلم هو ما صرح به الليلة البارحة من يمثل أعلى سلطة في الدولة
الليبية حيث قال: "ما لم تسلم جميع المليشيات سلاحها و تنضوي تحت وزارتي
الدفاع و الداخلية؛ فليبيا في خطر" ، ألا يذكركم هذا بمقولة " إذا لم
يستتب الأمن فالحرية في خطر" من القائل؟
و أرغب في
سؤال السيد الفاضل: لقد قلت في نفس المقابلة بأنك عشت خارج البلاد 31 سنة، و كلنا
نعلم أنك قضيت جلها في الولايات المتحدة، و لا أظنه يخفى على سياسي مثقف و مطلع
مثلك أن أمريكا هي من أكثر البلدان احتواء على مليشيات، و أنت تعلم تماما أن تلك
الميليشيات لم و لن تنضوي تحت وزارتي الداخلية و الدفاع ، و رغم ذلك فهي مليشيات
قانونية شرعية مرخصة ، و أن الدستور الأمريكي يسمح بتكوين تلك المليشيات (البند
الثاني من وثيقة الحقوق الملحقة بالدستور) و أن تكوين تلك المليشيات هي جزء من
ثقافة الشعب الأمريكي ، و أنها لم تشكل خطرا على الدولة الأمريكية في يوم من
الأيام، بل كانت صمام الأمان للشعب الأمريكي، وضمان لاستمرار الديمقراطية. فلماذا
لا نكون مثل ذلك البلد الديمقراطي الحر الذي آواك و أعطاك الفرصة للعمل السياسي
حتى أصبحت في هذا الكرسي؟ ثم أليست تلك المليشيات التي تجرمها الآن هي من وضعتك في
الكرسي؟ أم أن الحرية و الديمقراطية حلال هناك و حرام هنا؟ أم أنك تخشى أن تزيلك
من الكرسي مثلما أزالت الذين كانوا قبلك؟
|
يا سيدي
الفاضل: إن المليشيات تكون قانونية عندما يسمح بها القانون و غير قانونية عندما
يجرمها القانون ، و نحن نريدها أن تكون قانونية، لأننا ببساطة نثق فيها أكثر مما
نثق فيكم (أيتها السلطات) فلقد لدغنا مرة و لسنا بحمقى لنلدغ ثانية.
لقد اكتسبت
تلك المليشيات ثقتنا (رغم أخطائها) لأنها ضحت بأنفسها و أرواحها لتزيح عنا كابوسا
امتد دهرا، و لو انتصر لذبحنا ذبح النعاج و لقدم نسائنا لمرتزقته السود ليغتصبن في الشوارع و الميادين ، فما
الذي فعلتموه أنتم (أيتها السلطات الشرعية) لتكسبوا ثقتنا؛ غير الجعجعة الإعلامية
التي تبعدكم عنا و تبعدنا عنكم كل يوم و كل لحظة.
يا حكومات ما
بعد الثورة
لقد تضاعف
الفساد في عهدكم أضعافا عما كان في عهد
الدجال، لقد سرقتم في سنة واحدة من أموال الشعب الليبي ما كان الدجال و زمرته
يسرقونه في بضع سنين. لقد أبعدتم الصالحين و وليتم الفاسدين الذين جمعتموهم من كل
أنحاء المعمورة ، و كأنه لم يكفينا الفساد المحلي ، فأحضرتم الفساد العالمي. لقد
استغللتم ضعف خبرتنا السياسية فدلستم علينا في انتخاباتكم ليفوز من كان يملك مال
أكثر و دعاية أكثر، لا من يملك فكر أكثر و وطنية أكثر. لم تصلحوا طريقا واحد و لم
تبنوا مدرسا و لا مصنعا. الأسعار تضاعفت و تضاعف معها فقرنا و بؤسنا. القمامة ما
زالت تملأ الشوارع و الأزقة و الساحات ، و المكبات أمام المدارس و المساجد و
المستوصفات ، المرتبات تتأخر لأشهر طويلة.
و أنتم لا هم
لكم إلا: الأمن و الأمان، الأمن و الأمان، الأمن و الأمان، رغم أننا لسنا
خائفين أبدا ، بل نشعر بأمان لم نشعر به طيلة 40 سنة، و لكن يبدو أنكم تقصدون
أمنكم أنتم و أمن كراسيكم و أمن الأموال التي اقترفتموها و أمن شركاتكم التي
ترغبون في إدخالها البلاد، و ليس أمن الوطن و المواطن.
نحن نشعر
بالأمان ولسنا خائفين ، و لكن سيبدأ شعورنا بالأمان بالتلاشي عندما تمسكون بزمام
الأمور بالكامل ، و عندما ،،،
تختفي
مليشياتنا الحبيبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق