الاثنين، 18 فبراير 2013

المليشيات غير نظامية أم غير شرعية

أظن أن الجميع قد لاحظ الضجيج و الجعجعة الإعلامية المستمرة منذ إعلان التحرير و حتى الآن، بمناسبة أو بدون مناسبة، حول ما يسمونه كتائب الثوار حينا أو المليشيات أحيانا. و تتغير التسمية حسب المناسبة أو حسب المتحدث و توجهاته السياسية و الفكرية.

كتيبة ثوار منطقة سيدي خليفة (طرابلس) الأبطال في طريقهم إلى الجبهة لمحاربة فلول الطاغية  (آسف قصدي مليشيات سيدي خليفة)
و للأسف الشديد فقد رأيت و سمعت يعرف الميليشيا كالآتي:
"الميليشيا هي قوات مسلحة غير شرعية تتلقى دعما عسكريا أو ماليا من دول أجنبية" و ضرب مثلا بمليشيات "لحد" العميلة لإسرائيل، في لبنان.

و ربما لم ينتبه الكثيرون إلى أن هذا الشخص (الليبي) قد استعمل أحد الأساليب التي اشتهر بها دجال ليبيا النافق في محاربة أعدائه، ألا و هو تخوينهم لتبرير القضاء عليهم.
و في الحقيقة فإن المليشيات هي قوات غير نظامية ، و قد تكون شرعية و قانونية، و قد لا تكون، حيث يعتمد ذلك على التشريعات و القوانين التي تسنها الدولة. و في هذا الصدد أرغب في سؤال خبيرنا الاستراتيجي: ماذا تسمي قوات حزب الله التي تقاوم العدو الإسرائيلي (علما بأنها تتلقى دعما خارجيا) ، بل ماذا تسمي كتائب ثوارنا التي لولاها بعد الله تعالى ما قضي على الدجال الطاغية، و ما أتيحت لك الحرية لتظهر على الشاشات و تتحدث ملء شدقيك؟ هل كانت أيام حرب التحرير "كتائب ثوار" ثم تحولت الآن إلى "مليشيات" حسب تعريفك.

و لكن ليس هذا ما يؤلم ، بل المؤلم هو ما صرح به الليلة البارحة من يمثل أعلى سلطة في الدولة الليبية حيث قال: "ما لم تسلم جميع المليشيات سلاحها و تنضوي تحت وزارتي الدفاع و الداخلية؛ فليبيا في خطر" ، ألا يذكركم هذا بمقولة " إذا لم يستتب الأمن فالحرية في خطر" من القائل؟

و أرغب في سؤال السيد الفاضل: لقد قلت في نفس المقابلة بأنك عشت خارج البلاد 31 سنة، و كلنا نعلم أنك قضيت جلها في الولايات المتحدة، و لا أظنه يخفى على سياسي مثقف و مطلع مثلك أن أمريكا هي من أكثر البلدان احتواء على مليشيات، و أنت تعلم تماما أن تلك الميليشيات لم و لن تنضوي تحت وزارتي الداخلية و الدفاع ، و رغم ذلك فهي مليشيات قانونية شرعية مرخصة ، و أن الدستور الأمريكي يسمح بتكوين تلك المليشيات (البند الثاني من وثيقة الحقوق الملحقة بالدستور) و أن تكوين تلك المليشيات هي جزء من ثقافة الشعب الأمريكي ، و أنها لم تشكل خطرا على الدولة الأمريكية في يوم من الأيام، بل كانت صمام الأمان للشعب الأمريكي، وضمان لاستمرار الديمقراطية. فلماذا لا نكون مثل ذلك البلد الديمقراطي الحر الذي آواك و أعطاك الفرصة للعمل السياسي حتى أصبحت في هذا الكرسي؟ ثم أليست تلك المليشيات التي تجرمها الآن هي من وضعتك في الكرسي؟ أم أن الحرية و الديمقراطية حلال هناك و حرام هنا؟ أم أنك تخشى أن تزيلك من الكرسي مثلما أزالت الذين كانوا قبلك؟

يا سيدي الفاضل: إن المليشيات تكون قانونية عندما يسمح بها القانون و غير قانونية عندما يجرمها القانون ، و نحن نريدها أن تكون قانونية، لأننا ببساطة نثق فيها أكثر مما نثق فيكم (أيتها السلطات) فلقد لدغنا مرة و لسنا بحمقى لنلدغ ثانية.
لقد اكتسبت تلك المليشيات ثقتنا (رغم أخطائها) لأنها ضحت بأنفسها و أرواحها لتزيح عنا كابوسا امتد دهرا، و لو انتصر لذبحنا ذبح النعاج و لقدم نسائنا لمرتزقته السود ليغتصبن في الشوارع و الميادين ، فما الذي فعلتموه أنتم (أيتها السلطات الشرعية) لتكسبوا ثقتنا؛ غير الجعجعة الإعلامية التي تبعدكم عنا و تبعدنا عنكم كل يوم و كل لحظة.
يا حكومات ما بعد الثورة
لقد تضاعف الفساد في عهدكم  أضعافا عما كان في عهد الدجال، لقد سرقتم في سنة واحدة من أموال الشعب الليبي ما كان الدجال و زمرته يسرقونه في بضع سنين. لقد أبعدتم الصالحين و وليتم الفاسدين الذين جمعتموهم من كل أنحاء المعمورة ، و كأنه لم يكفينا الفساد المحلي ، فأحضرتم الفساد العالمي. لقد استغللتم ضعف خبرتنا السياسية فدلستم علينا في انتخاباتكم ليفوز من كان يملك مال أكثر و دعاية أكثر، لا من يملك فكر أكثر و وطنية أكثر. لم تصلحوا طريقا واحد و لم تبنوا مدرسا و لا مصنعا. الأسعار تضاعفت و تضاعف معها فقرنا و بؤسنا. القمامة ما زالت تملأ الشوارع و الأزقة و الساحات ، و المكبات أمام المدارس و المساجد و المستوصفات ، المرتبات تتأخر لأشهر طويلة.
و أنتم لا هم لكم إلا: الأمن و الأمان، الأمن و الأمان، الأمن و الأمان، رغم أننا لسنا خائفين أبدا ، بل نشعر بأمان لم نشعر به طيلة 40 سنة، و لكن يبدو أنكم تقصدون أمنكم أنتم و أمن كراسيكم و أمن الأموال التي اقترفتموها و أمن شركاتكم التي ترغبون في إدخالها البلاد، و ليس أمن الوطن و المواطن.
نحن نشعر بالأمان ولسنا خائفين ، و لكن سيبدأ شعورنا بالأمان بالتلاشي عندما تمسكون بزمام الأمور بالكامل ، و عندما ،،،
تختفي مليشياتنا الحبيبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق