بسم الله ، و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله
.
إن الحل الذي تقدمونه مشكورين ، يبدوا جميلا إلى حد كبير ، إلا انه يحمل قدرا كبيرا من الطوباوية اللاواقعية ، و لا يتماشى مع الظروف الموضوعية للبلاد في هذه المرحلة ، و جزء منه لا و لن يناسب ليبيا التي نحلم بها ، و هي ليبيا الديمقراطية الحرة ، و ذلك للأسباب الآتية:
د. عبد المنعم اليسير |
1. انعدام الثقة بين كتائب الثوار التي تسمونها "مليشيات" و بين السلطات الرسمية المتمثلة في المؤتمر الوطني و الحكومة ، و الذين عملوا بكل جد و اجتهاد على هدم كل قدر من الثقة مع الشعب عامة و مع الثوار بشكل خاص ، و ذلك بارتكاب عدة ممارسات ، أولها إشراك أزلام النظام السابق في الحكم ، و آخرها الفساد الفاضح ، مرورا بالممارسات اللاحضارية التي مورست علنا على شاشات التلفاز.
2. وجود بعض الأطراف السياسة المدعومة بقوة من الخارج ، و التي تسيطر فكريا و ماليا على بعض الكتائب ، و هؤلاء لهم مطامع سلطوية كبيرة ، و لن يتنازلوا عنها بكل سهولة ، إلا إذا ضمنوا وجود حكومة تيسر لهم تنفيذ مخططاتهم ، و التي هي للأسف لا تصب في صالح المسار الديمقراطي خاصة ، و في صالح ليبيا و شعبها عامة.
3. ضعف هيئة تطبيق معايير النزاهة و الوطنية و تسيبها و فشلها ، و تجميد قانون العزل السياسي ، ما أدى إلى زيادة تمسك الثوار بسلاحهم خوفا على الثورة و على مصير البلاد و على أنفسهم ، في حالة حدوث ثورة مضادة لا سمح الله ، حيث سيتم التنكيل بهم كما حدث في بعض الدول و السوابق التاريخية.
4. الخشية من انتكاس الديمقراطية أو الانقلاب على الدستور من قبل أي ديكتاتور في المستقبل ، أو التعديل فيه بما يخدم مصالح أي سلطة فاشية ، دون وجود حماية مسلحة للدستور.
5. ضعف جهاز المخابرات العامة ، و عدم وجود ذراع عملياتية له ، و اختراقه من قبل أزلام النظام السابق ، و الجواسيس و الفاسدين ، ما أدى بدوره إلى اختراقات فاضحة في صفوف القوات المسلحة الرسمية (بكل صنوفها) ، و علم الثوار يقينا بذلك (عبر أجهزتهم المخابراتية البدائية) ، و رفضهم القاطع العمل تحت إمرة أولائك الأزلام ، و الذين كان لهم موقفا معاديا ، أو حتى سلبيا من ثورة 17 فبراير ، و هو أحد أهمم الأسباب التي أدت إلى تمسكهم بقياداتهم التي وثقوا بها و استسلامهم (فرادى) لقيادات لا يعرفونها و لا يثقون بها.
6. استفادة بعض قادة الكتائب ماديا و معنويا من وضعهم الحالي ، ما أدى إلى تمسكهم بكتائبهم و سلاحهم.
7. وجود بعض المشاكل القبلية و الجهوية و السياسية بين الكثير من المناطق و القبائل و التشكيلات ، ما أدى إلى خوف كل منها من الآخر و تمسكه بسلاحه استعدادا للدفاع عن النفس إذا لزم الأمر.
8. عدم وجود قوة ضاربة عسكرية منظمة على الأرض قادرة على فرض تنفيذ أي أحكام أو قوانين (مهما كانت بسيطة) ناهيك عن نزع السلاح.
و الحل في رأينا يتمثل في الآتي:
1. تفعيل قانون العزل السياسي و إبعاد أزلام النظام السابق بشكل سريع و جذري عن مفاصل الدولة عامة ، و عن القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية خاصة.
2. الإسراع بإجراء الانتخابات التشريعية الجديدة ، و الابتعاد عن الغش و التدليس و المراوغة ، خلال الانتخابات القادمة ، و إبعاد الشخصيات و التكتلات السياسية الحالية عن ممارسة السلطة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
3. إعادة بناء الثقة بين السلطة القادمة و الشعب ، عن طريق محاربة الفساد و الإسراع في تنفيذ الخطط التنموية و الإصلاحية، و الابتعاد عن المهاترات الحزبية و الكذب على الشعب و محاولة خداعه أو معاملته على أنه ساذج و جاهل.
4. إعادة بناء جهاز المخابرات العامة على أسس صحيحة و دعمه ماديا و معنويا و تطهيره من العناصر الفاسدة و الفاشلة و العميلة، مع إنشاء ذراع عملياتية تنفيذية تابعة للجهاز.
5. إعادة بناء القوات المسلحة بعقيدة جديدة ، و تنظيم جيد و تسليح حديث ، و تطهيرها (عن طريق جهاز المخابرات) من العناصر الفاسدة و الفاشلة و العميلة.
أما بالنسبة للميليشيات و الكتائب المسلحة ، فإني أرى اعتماد البند الثاني من وثيقة الحقوق الأمريكية الملحقة بالدستور ، و التي تنص على ضرورة امتلاك الشعب الأمريكي للسلاح ، و المحافظة على ميليشياته المسلحة ، بغرض حماية الدستور و الديمقراطية في المقام الأول ، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الهامة الأخرى / مع تفعيل قانون ولاية "أوته" بالخصوص ، و التي بها أقل نسبة جريمة في الولايات المتحدة ، و ليس قانون ولاية "شيكاغو" التي أعلى نسبة جريمة في الولايات المتحدة.
حضرتك عشت ردحا من عمرك في الولايات المتحدة ، و تعلم يقينا ما أعنيه. كما أنك رئيس لجنة الأمن القومي بالمؤتمر ، و تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية على أمن البلاد ، فهل ترى أن تنظيم الأجهزة المخابراتية الليبية و إدارتها تسير على النحو الأمثل ، أم أنها تحتاج إلى قدر هائل من الاهتمام الإضافي و التغيير و التطوير.
وفقنا الله و إياكم إلى ما فيه رضا الله ، و صالح البلاد و العباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق