إن الأهداف الأسمى لتجمعنا هي الأهداف التي يسعى إليها كل ليبي عاش ردحا من الدهر تحت حكم الديكتاتورية الفردية الغاشمة ثم العائلية المستبدة ، و ما ترتب عنها من ظلم و جور و احتقار و غبن الحقوق و كبت الحريات، و عانى من الفقر و المرض و التجهيل الإجباري الممنهج ، و سيادة الفوضى والفساد الإداري و المالي و تبديد الثروات، و الإفساد المتعمد للفكر و لكافة القيم و الأخلاق و الآداب العامة والمبادئ الإنسانية ، و الاستهزاء بالشرائع و العقائد الدينية، و تدمير كامل لمؤسسات المجتمع المدني ، و انعدام التخطيط و النظام و الحد الأدنى من المرافق العامة و البنية التحتية و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، و السعي بشتى الوسائل إلى نشر الرذيلة و الشرور ، و تكريس التعصب القبلي و الجهوي ، و زرع بذور الفتنة و الشقاق و الشك و الريبة و التحاسد بين أفراد المجتمع و فئاته ومناطقه.
إننا نهدف إلى بناء ليبيا الجديدة و مسابقة الزمن لإقامة دولة الدستور و القانون و المؤسسات:
· دولة الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة، يكون بها انتخابات (تشريعية و تنفيذية) حرة نزيهة عن طريق الاقتراع السري و تحت مراقبة دولية، و بعيدا عن مهازل التصعيد التي لم يكن القصد منها سوى تكريس القبلية و زرع بذور الفتنة في المجتمع، و أن تكون الحكومة و رئيسها خدما للشعب و تعيينها و عزلها بيد البرلمان و انتخاب البرلمان عن طريق الشعب ، و إسقاطه في يد الشعب ، و عن طريق المظاهرات السلمية و مؤسسات المجتمع المدني.
· دولة ذات حكومة نزيهة تتمتع بكفاءة عالية من كافة النواحي (السياسية و الإدارية و المهنية) لا تحابي جهة أو قبيلة أو مدينة على حساب الأخرى، و تنفذ قوانين و قرارات البرلمان بكل إخلاص و مهنية ، و تسعى إلى التنمية الشاملة العميقة من خلال الدراسات العلمية و الخطط المنهجية الموضوعية ، معتمدة منهج الشفافية و الوضوح ، بعيدا عن العشوائية و الاعتباطية.
· دولة واحدة موحدة مسلمة معتدلة بلا تطرف و لا تقسيم من أي نوع، لنحافظ على ثقافتنا و حضارتنا و فكرنا و ديننا، ونعم لاستيراد العلم و التقنية، و لا لاستيراد السياسات والفكر و العقائد، إلا ما يوافق عقائدنا وشرعنا و عاداتنا و تقاليدنا
· دولة الحقوق و العدالة الاجتماعية، فترد كافة الحقوق إلى أصحابها و يكون الجميع تحت طائلة القانون و لا نحتاج بذلك إلى مطبات في الطرقات و لا لأبواب و نوافذ حديدية للمنازل، و يختفي شبح زوار الليل المرعب ، فلا اتهام إلا بدليل و لا قبض إلا بمذكرة ، و حتى السجون تكون مؤسسات إصلاحية تضاهي الفنادق الفخمة.
· دولة الرفاهية ، فتكون ثروة الليبيين ملكا لهم و لا يصبح السكن أو المركوب أو الزواج أو الإنجاب مشكلة تأرق المواطن الليبي ، بل يكون كل ذلك سهلا ميسرا و بشكل فاخر ، و ما زاد يستثمر بطرق و أساليب مختلفة ، بل يصبح سكن الليبي في شقة من النوادر، إن وجد.
· دولة الأسرة السعيدة ، حيث يكون الاهتمام بالأم مدرسة الأجيال ، و بالطفل رجل المستقبل و الشاب، عماد الوطن ، و تصبح أضحوكة علاوة العائلة التي لم تتغير منذ سنة 1962 ضربا من ذكريات الماضي البغيض، و يكون مرتب رب الأسرة موازيا للمرتبات في أكثر الدول تقدما و علاوة العائلة مجزية، بل تصاعدية ، لكي نشجع على زيادة نسلنا و عدد سكان بلادنا، محافظة على نمو شعبنا و على أمننا القومي، و ليكون لدينا دائما رصيد من الأيدي العاملة الفتية الماهرة الكفؤة.
· دولة العلم و التقنية ، تكون فيها المدارس و المعاهد و الجامعات و المراكز البحثية على أحدث طراز و يتم تجهيزها بكافة الأجهزة العلمية و البحثية ، و المستلزمات التدريبية و الترفيهية، و الإدارييين الأكفاء و الأساتذة المؤهلين حسب أرقى المستويات العالمية، و المتمتعين بكافة الحقوق و المزايا المادية و المعنوية، و المندفعين إلى البذل و العطاء العلمي.
· دولة الصحة ، فتكون مستشفياتنا على أرقى و أحدث المستويات العالمية من حيث العدد و التجهيز و الكوادر البشرية ، و أن يصبح إيفاد الطبيب أو الممرض أو التقني الطبي في دورات رفع كفاءة و دورات تثقيفية داخلية و خارجية قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدة؛ أمرا دوريا و تقليديا و معتادا ، دون الحاجة إلى سعي أو إجراءات إدارية معقدة، حتى يأتي المرضى من دول الجوار للعلاج لدينا لا العكس. و أن تتوفر كافة سبل الوقاية و الرعاية الصحية لكل مواطن فلا أطعمة فاسدة و لا ماء ملوث و لا مشكلة في إيجاد دواء لمريض أو لقاح لطفل. و أن تتوفر الملاعب و النوادي الرياضية الراقية للشباب من الجنسين ، و المنتجعات الصحية الجميلة للكهول و الشيوخ.
· دولة الثقافة، فتنتشر المكتبات العامة في كافة ربوع الوطن ، بل و تقام مكتبات عامة ضخمة تضاهي أكبر المكتبات العالمية ، و يدعم سعر الكتاب ليكون في متناول الجميع ، و يبالغ في دعمه بالنسبة للمدرسين و أساتذة الجامعات إكراما لهم و اعترافا بفضلهم و مساعدة لهم على مزيد من التطور و العطاء العلمي، و تصبح ليبيا عاصمة البحر المتوسط لمعارض الكتب و الفنون و التكنولوجيا ، و أن تنتشر المسارح و دور الأوبرا في كل المدن، و أن توثق ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة و تأسطر، و تكتب عنها الكتب و القصص والروايات و القصائد ، و يتغنى بها المغنون، و تنتج عنها أفلاما سينمائية عديدة و بأحدث الخبرات و التقنيات العالمية ، و كذلك الحال مع تاريخ بلادنا و جهاد أجدادنا، الذي تعرض للطمس و الإهمال من قبل الطاغية المقبور وحكمه البائد.
· دولة العمل و الإنتاج و النمو الاقتصادي المتسارع، فيتم استغلال كافة الموارد المتاحة دون إهمال أو تفريط أو إفراط ، و الموارد كثيرة متنوعة فمنها ما فوق الأرض مثل: الشواطئ الرملية الناعمة الطويلة ، و السهول الزراعية الخصبة ، و طاقة الشمس و الرياح ، و البحر بأسماكه و أملاحه، و الأراضي الشاسعة ، و الجبال الجميلة الخصبة ، و المدن الأثرية ، و التنوع الإثني و الثقافي، و الرمال الصحراوية النقية التي تنتج الزجاج و الكريستال و السيلكون، بل حتى الخردة و القمامة تعد ثروة قومية كبيرة. و منها ما تحت الأرض مثل النفط و الغاز و الحديد و الذهب و المايكا ، و الكائنات الأحفورية. و لا ننسى الثروة الكبرى التي لا تنضب لكل أمة ألا و هي شبابنا ، بل مواطنونا جميعا إذا ما أعدوا إعدادا صحيحا؛ فكريا و علميا و صحيا و أخلاقيا. و أن لا يتم تجنيب شيء من الأموال، بل كلها تستثمر و تنمى و تدخل في الميزان التجاري حتى تعود إلى الدينار الليبي هيبته , و يصبح ذا قيمة متفوقة مذهلة ، و تصبح البطالة من ذكريات الماضي البغيض.
· دولة التنمية الشاملة، حيث يتم توفير المشاريع الفعالة في كل مكان لتكون مورد رزق لكل مواطن، و تشجيع القطاع الخاص من الأفراد و الشركات و المؤسسات على المشاركة بكل فعالية في البناء و الإنتاج، و ذلك بالتوازي مع تخطيط الأراضي و توفير البنى التحتية الممتازة و الخدمات العامة، و المكملة، و الترفيهية، و المواصلات الحديثة المتنوعة و الاتصالات المتفوقة في كل مناطق ليبيا ، فلا معنى لأن يبلغ سعر المتر من الأرض أرقاما فلكية في بلد لا تزيد مساحة الأرض المستغلة فيه على 5% ، و أسعار العقارات أرقاما شبه مستحيلة ، بينما تتوفر كل مواد البناء محليا و بكميات مهولة ؟ لا معنى لذلك سوى سوء النية و التدمير المخطط المقصود.
· دولة الجيش الحديث القوي المنظم المجهز بأحدث التقنيات ، ذو الخلق القويم و المعنويات العالية ، لا أثر فيه للإهمال و الاحتقار و الألفاظ القبيحة و الأخلاق الفجة، جيشا يحمي الوطن و مواطنيه و حدوده و شواطئه ، و لا يكرس لحماية زعيم أو عائلة أو حكومة أو فئة أو قبيلة أو طائفة ، جيش يكون أفراده من كل فئات الشعب و يحمي كل الشعب.
· ثم أولا و أخيرا دولة الحرية، فلا حظر على مظاهرة أو اعتصام سلمي، أو فكر أو رأي أو إبداع علمي أو أدبي، إلا ما تعارض مع قيمنا الاجتماعية الأصيلة و ثوابت ديننا الإسلامي الحنيف، و تمكين أهل الكتاب الذين يعيشون بيننا من ممارسة شعائرهم و طقوسهم في الأماكن المخصصة لها و بكل حرية ، دون الإساءة إلى باقي أفراد الشعب. و أن يفتح المجال واسعا أمام مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب و جمعيات و تجمعات و تنظيمات و روابط، سواء كانت فكرية أو سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أو تطوعية أو غيرها.
هذه ليبيا التي نريدها جميعا و نهدف إلى بنائها و التمتع بخيراتها و العيش مع أولادنا و أحفادنا في ظل أمنها و أمانها ووحدتها و استقرارها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق