لقد عانى قطاع التعليم خلال السنوات الطويلة و المظلمة من حكم الدجال
النافق من محاولات التدمير و الإفساد المتعمد الممنهج ، ما لم يعانيه غيره من
القطاعات (باستثناء الثقافة) ، و ذلك ليقين الدجال بأن الإفساد الفكري هو أشد
أنواع الإفساد ، و أصعبها علاجا ، و أعمقها أثرا ، و أشدها فتكا بالفرد و الأمة. و
نستطيع القول آسفين ؛ أنه قد نجح إلى حد كبير جدا في تحقيق غاياته الخبيثة ، و ها
نحن ذا نعاني حتى هذه اللحظة من نتائج ذلك الفساد و الإفساد.
و من خلال الدراسة و الاستقصاء و استبيان العديد من الطلاب و
الأساتذة و العاملين بالقطاع ، وجد أن الدجال قد اتبع العديد و الكثير من الأساليب
الخبيثة و الخطرة لإفساد التعليم و السعي إلى تدمير البنية التعليمية برمتها ، و
من أهم تلك الأساليب ما يلي:
1.
نشر الفساد المالي و الإداري في جميع
مفاصل الدولة ، و في قطاع التعليم بوجه خاص ، و تشجيعه و عدم بذل أي جهد لمكافحته.
2. تكليف الفاسدين و عديمي الكفاءة و الوطنية و الأخلاق (خاصة من أعضاء اللجان الثورية الخبيثة و منتسبي الأجهزة الأمنية القمعية) بالمناصب القيادية في القطاع ، و تهميش الأكفاء و الوطنيين و الصالحين.
2. تكليف الفاسدين و عديمي الكفاءة و الوطنية و الأخلاق (خاصة من أعضاء اللجان الثورية الخبيثة و منتسبي الأجهزة الأمنية القمعية) بالمناصب القيادية في القطاع ، و تهميش الأكفاء و الوطنيين و الصالحين.
3.
فصل التربية عن التعليم ، أو بالأحرى
إلغاء الجانب التربوي من العملية التعليمية بغرض تخريج أجيال من المهنيين (الضعاف)
و الفاقدين للجوانب الأخلاقية و العقائدية و الفكرية التي من شأنها توجيه أداؤهم
المهني إلى ما فيه الخير.
4.
تدمير المعلم و إحباطه نفسيا و معنويا
عن طريق حرمانه من الكثير من المزايا ، بل و الحقوق المادية و المعنوية ، و جعله
في الدرك الأسفل من الوظائف الحكومية ، علما بأن التعليم هو من أكثر المهن اعتمادا
على الضمير ، و ذلك لتعذر متابعة أداء المعلم بشكل مستمر ، و عدم ظهور نتائج عطائه
إلا بعد فترات زمنية طويلة.
5.
إفساد المناهج عن طريق:
a. وضع
الكثير من الحشو عديم الفائدة (يشمل ذلك مواد برمتها) ما من شأنه إرهاق الطالب و
إضاعة وقته و تشتيت أفكاره و إهدار طاقته التي كان من الواجب توجيهها إلى أمور و
مواضيع ذات أهمية فعلية.
b. امتلاء
الكتب المدرسية بالكثير من الأخطاء ، ما سبب في فقدان الثقة بتلك الكتب ، علاوة
على تعذر فهم الكثير من محتواها و التسبب في إرباك الطالب و تشويش معلوماته ، خاصة
الأساسية منها ، و إفساد ذوقه في كثير من الأحيان.
c. وضع
مناهج غير مدروسة ؛ من حيث تناسبها مع عمر الطالب ، و احتياجات سوق العمل الآنية و
المستقبلية ، و تنسيقها مع المناهج السابقة و اللاحقة لها.
6.
تدمير معنويات الطالب بسبب عدم وضوح
الرؤية و المستقبل ، و عدم توفر فرص عمل مقبولة بعد التخرج ، و عدم منح الطالب
الاحترام الكافي ،خاصة بعد افتعال الكارثة المتمثلة في إدخال الخدمة العسكرية إلى
المدارس فيما كان يسمى "تجييش المدارس".
7.
تأنيث التعليم العام بكافة مراحله
(الأساسي و الثانوي) ، ما ترتب عنه ضعف أداء الطلاب الذكور تحديدا ، نتيجة لعدم
قدرة الكثير من السيدات على فرض الاحترام و السيطرة داخل الفصول الدراسة ، كما سبب
ذلك قصورا شديد في فهم بعض المواد و المواضيع ، خاصة في مادة التربية الإسلامية و
ما يتعلق بالطهارة و الكثير من الأحكام الأخرى ، بسبب عامل الخجل الذي يمنع
المعلمة من شرح تلك المواضيع للشباب بشكل واضح.
8.
نشر ظاهرة الغش و عدم محاولة مكافحتها
، ما أدى إلى انتشارها بشكل وبائي مرعب ، حتى أصبح الغش حقا شرعيا مكتسبا للطالب ،
و ربما للكثير من أولياء الأمور أيضا، و ما لذلك من أثر مدمر على التعلم و الحرص
على التحصيل ، بالإضافة إلى الأذى النفسي الشديد الذي يتعرض له الطالب المجد و
النزيه بشكل خاص.
9.
اتخاذ العديد من القرارات العشوائية و
إحداث الكثير من التغييرات المتتالية و الخطيرة في النظام التعليمي ، دون دراسة
وافية و مهنية للواقع ، و تحليل المعطيات و تحديد الأهداف بدقة ، و وضع الوسائل الكفيلة
بتحقيق تلك الأهداف. و للأسف فقد رأينا استمرارا واضحا لذلك الأسلوب حتى بعد ثورة 17
فبراير المجيدة.
10.
ضعف الكفاءة العلمية و التربوية
(القدرة على إيصال المعلومة) عند كثير من المدرسين ، و في جميع المستويات ، خاصة
بعد أن أصبح الانتماء إلى حركة اللجان الثورية الخبيثة شرطا أساسيا للإيفاد
للدراسة في الخارج و إحضار الشهادات و الدرجات العلمية.
11.
عدم تطوير الأساليب التعليمية و التربوية بما
يواكب التقدم الهائل الذي حدث في هذا الميدان ، و الاقتصار على أسلوب التلقين
العقيم و الضعيف الجدوى.
12.
إهمال المرافق التعليمية من مدارس و
رياض أطفال و معاهد و جامعات، و عدم الاهتمام بها من حيث الصيانة و النظافة و
التنسيق و التنظيم و توفير الإمكانيات و التجهيزات التعليمية و التدريبية ، حتى
على الحد الأدنى ، ناهيك عن التجهيزات الحديثة و المتطورة.
13.
جعل التعليم يبدو مملا و ثقيلا على نفس
الطالب بسبب عدم توفر أي إمكانيات ترفيهية ، أو ترويحية ، و إلغاء كافة الأنشطة
الطلابية الثقافية و الرياضية و الاجتماعية و الفنية.
14.
إهمال الطلاب الموهوبين و المتفوقين و
المجدين عدم تخصيص أي مزايا لهم من شأنها أن تشجعهم و غيرهم على بذل المزيد من
الجهد و الاجتهاد.
15.
انتشار الوساطة و المحسوبية بين
العاملين في القطاع من إداريين و مدرسين ، بما في ذلك المجاملة فيما يتعلق بالنجاح
و الرسوب ، بل أن الشهادات و الدرجات العلمية أصبحت تباع و تشترى بالمال.
16.
جعل الشهادة و الدرجة العلمية مقياسا وحيدا
للكفاءة ، و الضامن الأكبر للحصول على الوظيفة و المنصب ، و التقدير و الاحترام،
دون أي اعتبار لطريقة الحصول على تلك الشهادة أو المقدار الفعلي للتحصيل العلمي و
الفكري و الثقافي ، أو الخبرة العلمية و المهنية و التربوية ، أو الوطنية و الضمير
و الأخلاق.
17.
ضعف الجهاز الإداري بالقطاع عموما و
بوحداته الفرعية على جميع المستويات ، و اختلال الدورة المستندية ، و التمسك
الأعمى بقوانين و لوائح عقيمة و بها الكثير من أوجه القصور و الخلل.
18.
ضعف الرقابة على مؤسسات التعليم الخاصة
، ما دفع بالأخيرة للاستهتار بالتحصيل العلمي حتى تحول معظم تلك المؤسسات إلى مجرد
"دكاكين لبيع الشهادات".
و نظرا لكل ما ذكر أعلاه ، فإننا نرى أن الخلل كبير ، و المرض مستشرٍ
، و الخطر داهم ، و مهمة العلاج و الإنقاذ صعبة وشاقة.
عليه ،،
فقد أصبح من الواجب و
الضرورة الملحة ، وضع إستراتيجية شاملة لمعالجة الموقف ، و توظيف كافة الكفاءات
الوطنية بشكل حرفي و مهني منظم لا ارتجال و لا استعجال فيه ، بل و الاستعانة
بالكفاءات الأجنبية (الإقليمية و الدولية) ، و تخصيص القدر الكافي من الوقت و
المال و الإمكانيات؛ لوضع مخطط صحيح و
خارطة طريق واضحة تمكننا من الخروج من هذه الأزمة الرهيبة ، و الانطلاق في سبيل
بناء الوطن الحبيب ، و اللحاق بركب الحضارة الإنسانية.
مهندس / خالد أبوخبطة