يقول علماء "علم التفكير" أننا في المجمل نفكر بشكل منطقي ، فالمنطق سهل لأنه يعتمد تقنية (بما أن - إذن)، و مع ذلك نختلف، و أحيانا نختلف بشدة! فما السر وراء ذلك؟
يقول العلماء: أن المشكلة تكمن في "الإدراك" و ليس في "المنطق" ، فإدراك كل منا لموضوع معين يختلف بشكل يزيد أو ينقص عن إدراك الآخرين لنفس الموضوع ، و حيثياته و جوانبه و عمقه ، و المفاهيم التي يبنى عليها ذلك الموضوع أو تلك المسألة، و بمعنى آخر ، فإن ما تعتقد أنت أنه معروف و واضح و بديهي ، قد يكون بالنسبة لي مجهول و غامض و معقد.
.
عليه ، و حتى يجب أن نتوافق ، أو نتقارب في الرأي على الأقل، يجب علينا في البداية أن نتأكد بأن إدراكنا للموضوع واحد ، أو متقارب على الأقل.
و لعل هذا ما جرني لأن أتسائل ، و أسأل ذلك السؤال الذي قد تبدو إجابته بديهية (لكنها في الواقع ليست كذلك) لماذا قمنا ، أو قمتم ، أو قاموا ، أو يقوم الناس بالثورة؟
صحيح أن أغلب الثورات قامت نتيجة شعور الناس بالظلم ، و لكن ذلك يظل سببا ، و ليس هدفا ، و يبدوا لي أن معظم الثورات تفشل ، لأنها تقوم بشكل (غرائزي) دون أن تكون لها أهداف ، أو قل: أن أهدافها لا تكون واضحة للجميع.
و لقد حاولت توجيه سؤالي إلى عدد من الأصدقاء و المعارف، لماذا خرجتم ضد الطاغية ، أو لماذا شاركتم في الثورة ، أو لماذا ثار الليبيون؟ و كانت معظم الإجابات كالآتي:
للخلاص من الطاغية و نظامه.
لرفع الظلم.
طلبا للحرية.
لبناء دولة القانون.
و هي كلها إجابات جميلة ، و لكنها قاصرة ، ناقصة ، غير ناضجة، حيث يبقى السؤال الأهم هو : ثم ماذا؟
لماذا لا ننطلق في تفكيرنا خطوات إلى الأمام ، بدلا من (تفكير الخطوة الواحدة) .. لا أدري لماذا يذكرني ذلك بلعبة الشطرنج!
.
لقد تخلصنا من الطاغية و نظامه.
لقد رفعنا الظلم.
لقد تحصلنا على الحرية.
و ها نحن نبني دولة القانون.
.
فعل نحن سعداء؟
.
من يقول نعم ، فهو إما كاذب أو واهم. فأنا أرى مسحة الكآبة و القنوط قد عادت لتعلو وجوه الغالبية العظمى من الليبيين ، رغم أنها كانت قد زالت لفترة وجيزة إبان التحرير.
فلماذا؟
في الحقيقة نحن نشعر بأننا لم نحقق أهداف الثورة ، و التي لا تبدو واضحة لمعظمنا ، و التي (( ليس منها )) الأمن ، و التي ((ليس منها)) الاستقرار ، فالأمن و الاستقرار كانا متوفرين في عهد الطاغية ، و مع ذلك ثرنا عليه.
إن الحرية (رغم اختلافنا حول مفهومها) إذا لم تكن نقطة انطلاق في سبيل التقدم و الارتقاء ، فلا قيمة لها.
و القانون إذا لم يكن مصمما لصالح المواطن ، و بما يضمن له التقدم و الارتقاء ، فهو مجرد قيد يكبله و بذلك تضيع الحرية دون فائدة.
و حتى نصل إلى التقدم و الارتقاء ، يجب أن نحافظ على الحرية.
و لهذا نطالب بالديمقراطية ، ليس بمفهومها الغربي الشامل ( الذي يقول بأن الحاكمية للشعب مطلقة حتى لو تعارض ذلك مع الأحكام الإلهية).
و لكن بتطبق آلياتها التي تضمن عدم عودة الديكتاتورية
و التي تضمن التداول السلمي للسلطة.
و التي تضمن عدم طغيان فرد أو حزب أو منطقة أو فئة أو قبيلة على بقية مكونات الشعب.
و يجب أن نكون واعين ، و مدركين تماما ، أن هذا الهدف يتعارض مع مصالح الكثيرين ، و هؤلاء سوف يحاربون باستماتة في سبيل تلك المصالح، فمن تعود الطيران فوق السحاب ، لن يسمح لنا بإنزاله للسير معنا على الأرض.
سوف يحاربون ، و يجب علينا أن نحارب.
سوف يحاربوننا في عقولنا (بل هم يحاربوننا فعلا) و سوف يضغطون علينا ، و سوف يساوموننا لنبيع. و لسان حالهم يقول:
.
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل الأمن؟
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل الاستقرار؟
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل بعض المال؟
و قد نبيع.
.
فعندها سنفقد الحرية ، ثم نفقد الأمن ، ثم نفقد المال (الحلال طبعا).
و لن يبق إلا الاستقرار.
على الجانب الذي يريح الطغاة.
و لن يهرع العالم لنجدتنا ، فالمعجزة تحدث في الدهر مرة واحدة.
يقول العلماء: أن المشكلة تكمن في "الإدراك" و ليس في "المنطق" ، فإدراك كل منا لموضوع معين يختلف بشكل يزيد أو ينقص عن إدراك الآخرين لنفس الموضوع ، و حيثياته و جوانبه و عمقه ، و المفاهيم التي يبنى عليها ذلك الموضوع أو تلك المسألة، و بمعنى آخر ، فإن ما تعتقد أنت أنه معروف و واضح و بديهي ، قد يكون بالنسبة لي مجهول و غامض و معقد.
.
عليه ، و حتى يجب أن نتوافق ، أو نتقارب في الرأي على الأقل، يجب علينا في البداية أن نتأكد بأن إدراكنا للموضوع واحد ، أو متقارب على الأقل.
و لعل هذا ما جرني لأن أتسائل ، و أسأل ذلك السؤال الذي قد تبدو إجابته بديهية (لكنها في الواقع ليست كذلك) لماذا قمنا ، أو قمتم ، أو قاموا ، أو يقوم الناس بالثورة؟
صحيح أن أغلب الثورات قامت نتيجة شعور الناس بالظلم ، و لكن ذلك يظل سببا ، و ليس هدفا ، و يبدوا لي أن معظم الثورات تفشل ، لأنها تقوم بشكل (غرائزي) دون أن تكون لها أهداف ، أو قل: أن أهدافها لا تكون واضحة للجميع.
و لقد حاولت توجيه سؤالي إلى عدد من الأصدقاء و المعارف، لماذا خرجتم ضد الطاغية ، أو لماذا شاركتم في الثورة ، أو لماذا ثار الليبيون؟ و كانت معظم الإجابات كالآتي:
للخلاص من الطاغية و نظامه.
لرفع الظلم.
طلبا للحرية.
لبناء دولة القانون.
و هي كلها إجابات جميلة ، و لكنها قاصرة ، ناقصة ، غير ناضجة، حيث يبقى السؤال الأهم هو : ثم ماذا؟
لماذا لا ننطلق في تفكيرنا خطوات إلى الأمام ، بدلا من (تفكير الخطوة الواحدة) .. لا أدري لماذا يذكرني ذلك بلعبة الشطرنج!
.
لقد تخلصنا من الطاغية و نظامه.
لقد رفعنا الظلم.
لقد تحصلنا على الحرية.
و ها نحن نبني دولة القانون.
.
فعل نحن سعداء؟
.
من يقول نعم ، فهو إما كاذب أو واهم. فأنا أرى مسحة الكآبة و القنوط قد عادت لتعلو وجوه الغالبية العظمى من الليبيين ، رغم أنها كانت قد زالت لفترة وجيزة إبان التحرير.
فلماذا؟
في الحقيقة نحن نشعر بأننا لم نحقق أهداف الثورة ، و التي لا تبدو واضحة لمعظمنا ، و التي (( ليس منها )) الأمن ، و التي ((ليس منها)) الاستقرار ، فالأمن و الاستقرار كانا متوفرين في عهد الطاغية ، و مع ذلك ثرنا عليه.
إن الحرية (رغم اختلافنا حول مفهومها) إذا لم تكن نقطة انطلاق في سبيل التقدم و الارتقاء ، فلا قيمة لها.
و القانون إذا لم يكن مصمما لصالح المواطن ، و بما يضمن له التقدم و الارتقاء ، فهو مجرد قيد يكبله و بذلك تضيع الحرية دون فائدة.
و حتى نصل إلى التقدم و الارتقاء ، يجب أن نحافظ على الحرية.
و لهذا نطالب بالديمقراطية ، ليس بمفهومها الغربي الشامل ( الذي يقول بأن الحاكمية للشعب مطلقة حتى لو تعارض ذلك مع الأحكام الإلهية).
و لكن بتطبق آلياتها التي تضمن عدم عودة الديكتاتورية
و التي تضمن التداول السلمي للسلطة.
و التي تضمن عدم طغيان فرد أو حزب أو منطقة أو فئة أو قبيلة على بقية مكونات الشعب.
و يجب أن نكون واعين ، و مدركين تماما ، أن هذا الهدف يتعارض مع مصالح الكثيرين ، و هؤلاء سوف يحاربون باستماتة في سبيل تلك المصالح، فمن تعود الطيران فوق السحاب ، لن يسمح لنا بإنزاله للسير معنا على الأرض.
سوف يحاربون ، و يجب علينا أن نحارب.
سوف يحاربوننا في عقولنا (بل هم يحاربوننا فعلا) و سوف يضغطون علينا ، و سوف يساوموننا لنبيع. و لسان حالهم يقول:
.
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل الأمن؟
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل الاستقرار؟
ما رأيكم أن تبيعوا لنا الحرية مقابل بعض المال؟
و قد نبيع.
.
فعندها سنفقد الحرية ، ثم نفقد الأمن ، ثم نفقد المال (الحلال طبعا).
و لن يبق إلا الاستقرار.
على الجانب الذي يريح الطغاة.
و لن يهرع العالم لنجدتنا ، فالمعجزة تحدث في الدهر مرة واحدة.